البكالوريا
امتحان معلومات أم امتحان أعصاب؟ تبدأ أعراضها باصفرار الوجه وفقدان الوزن والدوار بين الحين والآخر ينتهي بتسرع ضربات القلب وهبوط الضغط وحالات من الإغماء والهوس في الليل والنهار.
هي شبح البكالوريا الذي يفكر فيه الطالب منذ أن يدخل المرحلة الابتدائية حتى يصل إليها , ومع مرور الوقت فقدت هذه الشهادة معناها الحقيقي وتحولت إلى وسيلة ترعيب وأداة لإشعال الغيرة والحسد بين الناس فمن دخلها مفقود ومن خرج منها بسلامة مولود.
والجدير بالذكر هنا أن البكالوريا تستمر فترة طويلة وتأخذ مراحل عديدة بدأ من النجاح بفحص الثاني الثانوي إلى دخول عتبة الجامعة.
أحلى شباب اهتمت بهذه الظاهرة وسلطت الضوء عليها.
صيفية ما قبل البكالوريا:
بعد أن "تنصرع" الدنيا بأن الشاب بدأ رحلته البكالورية , وبعد أن يصبح "علكة" في فم أقاربه وجيرانه وأصدقائه يسمع تعليقات من هنا وهناك تذكره بمسلسل الرعب الذي يتأهب له, فمثلاً وهو يعد الدرج يلتقي بجارته لتقول له:"والله البكالوريا بدها هز كتاف" وخالته:"الله يعينك على هالحمل", والسمان:"للشاطر سنتين وللكسلان أكثر". ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل تبدأ النصائح تلقى من هنا وهناك على أهل الطالب كزخ المطر ومنها "شيلو التلفزيون والدش أو شفروا كل القنوات","لا تخلوه لا يفوت ولا يطلع وإذا بتخفوله ثيابه بكون أحسن","التلفون بضر بالصحة وقت البكالوريا","ولي على قامة الرفقات شو بيلهو","أحسن شي ينحبس بالغرفة",وهنا يبدأ الطالب "ببلع ريقو" استعدادا للبكالوريا. وفي هذا الموضوع اليكم بعض آراء بعض ضحايا البكالوريا:
كاميليا:قام أهلي بحبسي منذ أول شهر في البكالوريا ومنعوا "الطير الطاير يحكي معي".
سلام:سجلوني بمعهد لتعليم البكالوريا وبكل المواد حتى الديانة.
علي:من أول يوم بالبكالوريا تحول بيتنا إلى حداد حتى أن أهلي أخرجوا أخي من غرفتي التي يشاركني بها وبقيت لوحدي "بين 4 حيطان"
أثناء البكالوريا:
وبما أن "عو" لم ينته من جولته بعد تجد أن الأساتذة ينضمون إلى صفوف المرعبين المرهبين من هول المصيبة ومن أقوالهم"لازم تاكلوا الكتب أكل" ,"إياكم أن تناموا أكثر من 4 ساعات يوميا" ,"أقل شي أقل شي لازم الطالب يدرس 12 ساعة يوميا", ولا يبقى أحد إلا ويتدخل في بكالورية الطالب ويبدأ الأهل أيضا بتضييق الخناق عليه شيئا فشيئا "بكالوريا ونايم؟!" ,"بكالوريا وفايق؟!" ,"بكالوريا وعم تضحك","بكالوريا وعم.... تتنفس؟!!"
تقول أميرة:نقاش البكالوريا لم يفارقني طوال العام الدراسي حتى أنه أصبح "سيرة" أهلي على الطعام وفي المساء وبالسهرة.....آآآه على تلك الأيام.
عبدلله:تخيل أنك في كل يوم صباحا تستيقظ لتسمع حلم أمك عن بكالوريتك كأن الحلم ترك كل الناس "ودبقني".
خالد:"أثناء العام الدراسي تسمع تعليقات "والعياذ بالله" فجارتك تقول لك"ولي على قامتي ليه هيك مصفر", وعمتك:"يبعتلي حمى ليه هيك نحفان" ,والسمان يقول:" والله باين انك بكالوريا" , على أساس أن طالب البكالوريا تتغير ملامحه.
سعاد: غلطت مرة وقررت اني رفه عن نفسي وأذهب إلى عرس ابنة عمتي ,ففوجئت بابنة عمي "الفصعونة" تقول لي:" بكالوريا وجاية على العرس ,ما تروحي تدرسي؟"
ليلة الفحص:
وكل ما سبق كان عبارة عن مزح وضحك وما أن تأتي ليلة الامتحان حتى تهب موجة من الرعب واليأس على طالب البكالوريا, فتستنفر الأم بالصلاة 24 ساعة والأب بالتسبيح والأخوة بالسكوت الدائم, ويبدأ الطالب بالتهام الكتب ونظره لا يغفل عن الساعة التي تركض ركضا, وما أن تحين الساعة 12 ليلا حتى يبدأ مسلسل التوقعات من الأصدقاء والأقارب على أساس أن التوقعات تحب السهر فلا يمكن أن تأتي في النهار!"اجتني من مصادر موثوقة هالأسئلة", "اللي حط الأسئلة هو اللي عطاني التوقعات" ,"خذ هالكم سؤال ودعيلي" وهكذا حتى يجد الطالب نفسه أمام مجموعة من الأسئلة تساوي الكتاب نفسه ومع ذلك يبدأ بمراجعتها.
غياث"لم أستطع أن أنام ولا لحظة, كانت من أصعب الأيام التي مررت بها.
بيان:الحمدلله كنت واثقة من نفسي ونمت باكرا, ولكن من كان يرعبني هو أمي التي سهرت طوالل الليل ولم يغمض لها جفن.
محمد: الظريف في ليلة الفحص أن أمي كانت تتفقد حرارتي كل دقيقتين "اي والله طلعتلي حرارتي"
عامر:"ريتها تنذكر وما تنعاد" مستعد أن أموت على أن يقال لي أن أعود لتلك الليلة.
يوم الامتحان:
وكما يقال في يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان, تبدأ الرحلة في سيارة الأهل على الطريق ويبدأ الدعاء " اللهم يسرها" ,"الههم افتح بصره وانعش ذاكرته" ,"يا رب وفق ابني بأصعب أيامه", وفي وسط هذا السكون تصرخ الأم "نسيت بطاقتك؟ هويتك؟قلمك؟ مسطرتك؟".
وكلها تكون في جيب الابن طبعا, وما أن يصل المركب إلى باب مركز الامتحان يبدأ "الرجفان" والتوصيات العجيبة الغريبة:"اقرأ آية الكرسي مرتين والفاتحة 7 مرات والتعويذات 5 مرات وبسمل 17 مرة وانفخ على الورقة والله يوفقك يا ابني", " لا تقرأ الأسئلة دفعة وحدة" ," لا تتلبك أمي لا تتلبك , لتكون متلبك؟ كأنك متلبك؟".
ويدخل الطالب للامتحان لاهثا مرتعبا مرتعدا ويقول في نفسه "والله حاسس حالي نسيان كل شي كأن تبخروا", ثم تأتي الأسئلة ويشق الظرف وتوزع الأوراق وتبدأ "غلاظة" المراقبين " والله اللي بيطلع يمين ويسار لشيل عيونه", "كل واحد بورقته" وصوت كعب حذاء المراقبة لا يهدأ ولا يكن.
ينتهي الفحص ويخرج الطالب ليرى حشد الأهالي تصرخ لسؤاله "شو؟ طمننا" ليكون الجواب المعتاد الطبيعي اللاشعوري "ضربونا" ويبدأ البكاء الصراخ والدعاء.
ناديا:أذكر أن المراقبة يوم الامتحان كانت تتكلم مع زميلتها عن غسيل السجاد فغسل دماغي من المعلومات.
هادي: حتى الآن لا أستطيع أن أمر من ذلك الشارع ولا من تلك المنطقة.
سلوى:كل ما أذكره أن شكلي وشكل أصدقائي كان مضحك للغاية فلم نهمل أشكالنا يوما مثل هذا اليوم.
عماد: أكثر ما كنت أكرهه سؤال أهلي لي "يعني أديش بتجيب؟"
ما قبل النتائج:
يظن الطالب أنه ما إن قدم المادة الأخيرة وقذف الكتب وراء ظهره هذا يعني أنه انتهى لكنه لا يدري أن هذه المرحلة هي من أصعب المراحل حيث تبدأ التوقعات "سمعنا أن شادين ايدهم بالتصحيح هالسنة" ,"أكيد بكرة رح تطلع النتائج" ,"عم يقولوا رح يرفعوا علامات المفاضلة هالسنة".
أما عن الأهل وهم الحلقة الأهم فيبدؤون بالتهديد والوعيد "والله إذا ما جبت علامات لزوجك لأول واحد بدق بابنا" ,"والله إذا ما جبت طب لنزلك عالورشة لعندي والقى إذا فيك تلقى"
يوم النتائج:
استيقاظ من الصباح , حالات من الرعب والفزع والخوف....... دقت الساعة الرابعة ونشرت النتائج, فجأة تسمع أصوات الزغاريد من هنا والبكاء من هناك؛ الضحك من هذه الناحية والصراخ من الناحية الأخرى, وطبعا شبكة التلفون مشغولة, ومن ثم تبدأ عبارات الكذب والأعذار أو "الجكر" والتباهي "والله بنتي درست منيح بس اجاها مغص بآخر يوم بالفحص المسكينة","والله طقق قلبنا ونحن عم نقلوا دروس وما درس" ,"والله هالبكالوريا حظ" ,"والله تأخرت على الفحص والمراقب ما رضي يفوتها".
ومن جانب آخر " والله ما دخل الحظ أختي الشغلة شغلة فهم" ,"والله من أول ما شفت ابني عرفت أن فهمان" ,"بنتي خزيت العين جابت علامات وهي عم تضحك وتلعب" وتستمر هذه الحالة لأيام.
أمل"عندما نشرت العلامات وكانت علامتي "214" علمي, قالت لي أمي مبروك ,لكن بهدوء "ومن بره نفسها" لأنها كانت تأمل بعلامة أفضل.
رامي: المشكلة أن أهلي كانوا يتوقعون أن أكون مثل أخي الطبيب ولكني حصلت على علامات تدخلني قسم الكيمياء, وفي يوم النتائج جن جنونهم.
بدر:رسبت في البكالوريا أربع مرات, بكيت أمي في المرة الأولى وفي الثلاثة التاليات لم تأبه للموضوع, وهكذا جاء طعم النجاح ومع أنني نجحت "شحط" إلا أنها أقنعت أبي بإهدائي سيارة.
نتائج المفاضلة:
ومع أن المفاضلة لا ترتفع ولا تنخفض إلا نادرا وفي بعض السنوات وتقتصر على بعض الأقسام؛إلا أن عبارة"رفعوا المعدلات "دائمة الحضور, فطالب يخرج مكسور الخاطر والثاني يأمل بمفاضلة الموازي أو المفتوح وقليل منهم يحظى بقسم جامعي, ولكن المشكلة التي تظهر هنا عند الأهالي وهي "فزاعة" رغبة الطالب "جايبة علامات صيدلة وبدك تفوتي فنون, بدك تسوديلي وجهي" ," بلا فيزياء بلا حكي فاضي , يا مدني يا بغضب عليك" ,"بدك تشرشحيني قدام العالم ويقولوا بنته دخلت صحافة" ،"مهندس زراعي! شو بدك تطلع يعني زيتونة؟"
وهكذا تستمر الصراعات حتى يدخل الطالب الجامعة, فيذهب شبح البكالوريا وتطوى صفحته حتى يأتي دور الابن الأصغر لتعاد الكرة منذ البداية.
شهادة الثالث الثانوي هي من الشهادات المهمة للطالب ولا تنكر صعوبتها,ولكن هذا لا يعني أن نفقدها مضمونها ونعمل لأجلها بهدف ورقة الشهادة فقط,ولا يعني أيضا أن يخرج الطالب منها بأمراض نفسية بسبب الضغوط التي يتعرض لها من قبل الجميع, وحتى يستطيع الطالب أن يدرس بإمعان يجب أن يوفر له الجو النفسي المريح والجو الطبيعي ضمن أسرة طبيعية.