أبو ظبي: اختتمت في منتجع " قصر السراب " الصحراوي بالمنطقة الغربية ﻷبو ظبي بدولة اﻹمارات العربية المتحدة، الخميس الماضي ﺃعمال الندوة الثانية للجائزة العالمية للرواية العربية، توجه المشاركون بعدها للمشاركة في معرض الشارقة للكتاب، حيث جرى إطلاق كتاب ضم بين دفتيه أعمال الندوة الأولى باللغتين العربية والانكليزية، صدر عن دار الساقي.
وعلى مدار 12 يوماً من العكوف على الكتابة في ﺃجواء مثالية من الهدوء والنقاش المفتوح واﻹشراف المتميز للروائي اللبناني جبور الدويهي صاحب " مطر حزيران " واﻷديبة المصرية منصورة عز الدين التي وصلت روايتها " وراء الفردوس " للقائمة القصيرة لجائزة البوكر السنة الماضية، اثمرت ورشة العمل النتائج المرجوة منها، وهي ﺇنتاج فصول روائية وقصص قصيرة تنشر فيما بعد مترجمة الى اللغة الانجليزية بين دفتي كتاب يحرره ﺃمين الجائزة العالمية للرواية العربية الدكتور بيتر كلارك بمعية مترجمين ﺁخرين.
وانجز الكتاب السبعة المشاركون في الندوة التي يرعاها الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة، وبدعم من مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي، نصوصاً عكست اختلافاً صحياً في الخيارات الجمالية والفنية، وتعدداً كبيراً في انتقاء اﻷساليب و العوالم التخييلية.
ويروي الفلسطيني ﺃكرم مسلم في فصل افتتاحي لرواية، حكاية متشعبة بؤرتها الدلالية نظارة سميكة تسلمها جدة ﺇلى حفيدها، لتكون هذه البؤرة ذريعة تتناسل عبرها محكيات صغرى تترجم قضايا الهوية والانوجاد العصي في ظل ﺇرغامات الاحتلال، فيما يكتب المصري طارق ﺇمام عن ضريح تسيجه ﺃجواء غرائبية وما فوق طبيعية تنوس بين المقدس والمدنس، مستنداً ﺇلى تقنيات حداثية مناطها اﻹيهام والافتراض وخلق الزمن الثالث .
وتنزل السودانية رانيا مأمون بمسبارها لتستغور عالم القاع واﻷطفال المشردين والمتخلى عنهم في مدينة كبيرة من خلال حكاية اقتفائية يرويها صحافي ينطلق في رحلة بحث عن طفل ضال، والمغربي ﺃنيس الرافعي يجرب ﺇبداع طريقة ذات منظور ثلاثي وما ورائي للحديث عن موضوعة الموت من خلال المصائر المتحولة لشخصية واحدة، مسلحاً في هذا السعي بوعي سردي نظري متطور ولغة نثرية منسابة ودقيقة .
ويدخل اليمني وجدي اﻷهدل عبر " باب المنجل " ليصطاد حكاية انتقادية تستعيد واقعة اغتصاب معروفة، ومن خلالها يقدم عالم المسكوت عنه في عالم تختلط فيه السياسة بالعشائرية، فيما تقدم اﻹماراتية مريم الساعدي حالات متعددة اﻷصوات والمناخات لذات نسوية ساردة مصابة بحراب الخواء الروحي في ظل مجتمع مغلق لا يني عن مواجهة رغباتها بشتى المثبطات والحواجز، بيد ﺃنها ذات ذكية شيمتها وعي نقدي حاد يتيح لها فتح كوى شاسعة في جدار هذا الخواء والسخرية منه.
ﺃما السورية لينا هويان الحسن فتحفر في ضفاف التاريخ المنسي لفئة البدو، وتعيد تشييد حكاية شبيهة بحكاية "حرب البسوس " من خلال مجموعة من الصور الفوتوغرافية التي توظفها كحيلة فنية وسناد بصري لتصييغ النص.
وتجدر اﻹشارة في هذا السياق، ﺇلى ﺃنه على هامش كل اجتماع لعرض ﺃعمال الكتاب تفتح نقاشات مستفيضة حول قضايا الكتابة العربية الجديدة وﺁفاقها المستقبلية ووجهات نظر المؤلفين في اﻷجزاء الدقيقة للكتابة من قبيل الحوار والمفتتحات السردية والرؤى التي يعتمدها السارد وصناعة المتخيل والوهم المرجعي للواقعية ومبررات النزوع للفنتازي وغيرها من القضايا ذات الصلة بما ينتج داخل ورشة العمل التي تقام وفق المواصفات المتواضع عليها في الورشات والمحترفات العالمية.