'التابو' حاضر في المقروء ومغامر في المرئي
15 ابريل 2009
مايا بنوّت - لبنان
إنفتحت السيرة وأُشعلت أنوار الديكور الأحمر، وبدأت الفقرات تتلاحق والحالات تسرد حواراً يحاكي إستثناءً لا يمكن فصله عن الواقع لكن دون التهويل. أهمية الموضوعات لا تعني طرحها بسخونة وإن كان ذلك مبرراً درامياً، فمثل هذه القضايا الحساسة التي سمّيت في وقت ليس ببعيد بـ«المحرمات الإجتماعية» تستأهل الطرح الهادىء. وهذا الأخير تحرص على إرسائه الإعلامية الأميركية أوبرا وينفري التي تطرح التجربة والمشكلة وتلامس أفق الحل بعيداً عن تشويق عرض الحالة وإثارة تعجّب المشاهد الذي قد يتسمّر أمام الشاشة إثر التلاعب بنبرة الصوت والوعد بالأعظم بعد كل فاصل والمؤثرات الصوتية «المرعبة».
جرأة أرساها برنامج سهرة الأربعاء «أحمر بالخط العريض» للإعلامي اللبناني مالك مكتبي الذي لا يمكن التشكيك بموهبته وباعه في الإعداد والإنتقال المرن من فقرة إلى فقرة وجذبه البصري والسمعي الآسر للمشاهد العربي الذي لا يزال يعيش في حالة ذهول إزاء الحلقات التي تستضيف الواقع غير المرئي. وقد أثارت حلقة مثل حلقة «ليلة الدخلة»- التي كان هدفها المعلن الرد على التساؤلات «الرمادية» وإصطدمت بشهادات غير مؤهلة- السخرية والخجل المضحك تجاه التقويم غير العلمي وإن بأضعف الإيمان. إعترافات تعلو وتيرتها وأخرى تتكبّل بأصفاد «الحياء» المجسّد بما وراء الستار المتردّد والنظارة السوداء والمرأة الملثمة والرجل الملثّم أخيراً في حلقة «تعنيف الرجال.. ظاهرة في العالم العربي؟» التي إنتهت بعلامة إستفهام خصوصاً أن بعض الحالات كانت دخيلة على الطرح ولم تجسّد العنف بقدر ما كان المقنع منها دفاعاً عن النفس.
سيل من الحالات نفاجأ بها كل حلقة تضعنا في صورة ما يدور في البيت العربي لكنه قد يكسر حميمية مجتمعنا «الباطني» تارة و«يصهر» فئة طارئة لا يمكن إنكارها لكن دون تخطي الأحمر وإن كانت المقاربات العلمية تضجر شريحة تعشق الإثارة. قد تكون الحالات معقلاً جوهرياً لسرد الأسباب لكن معرفتنا تجابه بإضطراب نفسي وشهادة ضبابية تشتّت المشاهد وتُلحق علامات التعجب بإستفهام غامض. في القرن الواحد والعشرين ما من محرّم إجتماعي لكن لابأس بتخصيص حلقتين لقضية واحدة تعجّ بالحالات التي تدخل في صراع غير محسوم، فالمعروض قد يُرضي فضول المشاهد لكنه يهمّش المَُرتقب المعرفي. قصور في طرح «التابو» الجريء قابله قطع الطريق أمام ولوجه السينمائي عبر فيلم HELP للمخرج اللبناني مارك أبي راشد الذي منعت الرقابة اللبنانية عرضه بعد أربعة أيام من إطلاقه «لما يتضمنه من تحرر جرعته تتحدى اللون الاحمر» من حيث خلفية الشخصيات ونمط حياتهم الذي خرق سقف القانون اللبناني هذه المرّة في ما يبدو ما قوّض إنفلات «التابو» على شاشة الفن السابع. من ناحية أخرى، يحلّق «التابو» المكتوب طليقاً بجناحيه برحلة ليست بجديدة لكن بإطار لم نعهده، إطار موثق ومركَّز شكّلته مجلة «جسد» «الثقافية» التي تركّز بنصوصها وصورها على جوانب حميمة تتعلّق بالجسد شعراً وأدباً وتحليلاً يقرؤه البعض وقاحة فيما تقول جمانة حداد رئيسة تحرير المجلة الفصلية في عددها الثاني «جسدٌ جديد نعم!»؟