كازابلانكا

بيار أبي صعب

الدار البيضاء عرضة لرياح الثورة التي تهبّ من كلّ صوب هذه الأيّام. في انتظار تحركات ٢٠ فبراير التي دعا إليها شباب مغربي يطالب بالإصلاحات والعدالة، تحوّل «المعرض الدولي للنشر والكتاب» إلى ساحة مواجهات، شغلت المثقفين والكتّاب والإعلام. هكذا انحرفت المناسبة عن هدفها، أي الاحتفال بالكتاب، والترويج للإصدارات المغربيّة، أو تلك الآتية من القاهرة ودمشق وبيروت... واحتضان النقاشات الفكريّة والإبداعيّة.
مؤسسات ثقافيّة بارزة في بلد الخطيبي والجابري وشكري وخير الدين، تمتلك تاريخاً عريقاً ــــ بمعزل عن الأزمات التي تعيشها منذ سنوات لاعتبارات مختلفة ــــ اختارت هذا الموعد السنوي المهمّ لتصعّد حربها المفتوحة على وزيرها الحالي بنسالم حميش. لقد دعا «اتحاد الكتّاب» و«بيت الشعر» و«الائتلاف المغربي للثقافة والفنون» إلى مقاطعة الدورة السابعة عشرة من المعرض، ونُقِلت بعض النشاطات إلى خارجه، احتجاجاً على «حالة الاختلال القصوى التي باتت تطبع السياسة الثقافيّة في المغرب». كذلك طالب المقاطعون بـ«مخاطب جديد يكون في مستوى المسؤوليّة». ووصل الأمر بعبد اللطيف اللعبي إلى الاستجارة بالسلطة لـ«إقالة» الوزير.
قد يكون حميش أديباً وباحثاً له مكانته على الساحة العربيّة. لكنّ وزير الثقافة المغربي الذي وصلت روايته «معذبتي» إلى القائمة القصيرة لـ«بوكر» العربية ٢٠١١، ليس بالضرورة سياسيّاً محنّكاً، في ضوء ما نراه ونسمعه. فقد تعالى على منتقديه وجلب لنفسه العداوات، بدلاً من استقطاب أوسع قطاع ممكن من المثقفين على قاعدة الحوار والشراكة. إنّه تحدّي الديموقراطيّة. يبقى سؤال: هل على معرض الكتاب، وهو تقليد عابر للعهود، أن يتحمّل أعباء تلك المعركة؟