فرحة هي أم نحيب
تنازعني الهواجس كل حين .
مخافة فقد ، أو توقع فاقة واحتياج .
خصمي فارس لاتلين عريكته ، ولا يضعف عناده .
إن زارني ليلا ، فبهدير أمواج البحر الصاخب .
وإن بنهار ، أسال لجين شموسي الذائب.
ألقى بها فامتزجت بدماء النهر الهادئ .
نبع شلالاتي يفور، يغذي تساؤلات تتناسل مع نبضي المتوهج .
أسراب نوارسي ظمأى ، تحلق حول مجاري تكهناتي ،
لها أوكار خلف المقل .
لا أدري - لما يتردد صداها بين جنباتي - أهي فرحة ووجد ؟
أم محض بكاء ونحيب ؟
أجاري لهفتي لاقتناص الشبح الممتطي للتيار الجارف .
أناجي صمت الكواكب الطوافة .
أرتب أحلام النائمين .
أعيد توطين ورص طين الخطوات التائهة .
يطأ الفرق مني الجبين ، يخفي عني السبيل ، يلونه بريشة سواد
الليل القاتم .
يحتل كياني التلعثم النابع من ضيم القصور .
نواحي يجدر وحل المآسي .
يعفر الفضاء يحتكرني بين ضلوع ، مقفلة ، ناحبة ، منشغلة ،
بلم الفتات ، كباقي أهل الدثور.
غدوت ، أقيم على ضفاف العوز ، رغم وفرة ما لدي ، وكثرة ما أرتاد من متاجر أحلامي .
ألا ليت شغفي شجر ،
أشذب منه أطياف هواجسي ،
أسقي أفنانه من عرقي المتصبب .
أبذل ما في وسعي لترميم حقول أسهمت في وأد فرحي
المغتصب .
هيامي تسلل في جنح الظلام .
امتطى العواصف وطاف .
يزور المنابر، يبني الصوامع ، يشيد القبب .
بين حبات الرمل طفا قنديل .
لسان شعلته يذيب أكوام الحمم.
ينضح الجب من ماء آسن .
يدلني على شوامخ القمم .
ينتشل أطرافي الممزقة ، يستلها من بين أنياب السنين .
فلق أطل .
يصب شعاعه في عيون الولهان القمين .
أضاء الكون ، كشف أسرار مخزون ذاكرتي .
أوقد آلاف الشموع المختفية تحت جلدي .
أيقظ في ذهني تغريد شحرورة الوقت الثمين .
حررني من بلادة الصيف المتوهج .
أنقذني من عفونة كهفي الحزين .
حلق بي على أجنحة الرزايا .
أشاهد المقيمين بالحمى المتضور .
أعد قوافل الثعالب المتوحشة ، الزاحفة ،
تود إخماد القيظ اللافح .
تفتحت عيوني فأبصرت نعما اختفت خلف البلايا .
تغمرني .
تطمئنني .
تمد نحوي يد اليسر الكاسح .
ارتديت لباس البشر .
صادقت النسيم .
عانقت الغيوم .
اقتحمت الشمس عبر مدارها .
امتلكت النجوم .
اقتنيت مراكب الوجوم
لشق عباب أديم السموم .