شباب الفيس بوك

مصطلحٌ ظهرَ في الآونة الأخيرة ليعبر عن شريحة كبيرة من الشــباب العربي الذي انخـــرط بمواقع التواصل الإجـتماعي عموماً والفيس بوك على وجه الخصوص مع دخول التكنولوجيا وشبكة الإنترنت عالمنا العربي من أوسع أبوابه، حتى أصبح من النادر أن نجد شاباً أو فتاة لا تمتلك حساباً على الـ "facebook" أو إحدى مواقع التواصل المشهورة ،فحسب آخر الدراسات والإحصائيات التي قام بها موقع "أليكسا" العالمي، فقد بلغ عدد مستخدمي فيس بوك فـي العام العربي نحو 32 مليون مستخدم في شهر آب من عام 2011.

البعض يرى في هذا الاندماج المثير وباءً يهدد نسيج مجتمع شابٍ لم يتعافى بعد من أخــطاء وأعباء أجيال سبقته في عهود الاستعمار والتخلف ،وفي الجـانب الآخر نجد فريق يرى في هذا الأمر نوعاً من الصيرورة ومواكبة العصر ،فالتكنولوجيا تتطور وحياتنا تتغير بما يمليه علينا هذا التطور ،والذي يعتبره معظمهم بالتطور الإيجابي لما يحقق من رفاهية في حياة الفرد وسهولة في التواصل.

وكما كل ابتكارات البشر ،يجدون أن الفيس بوك سلاح ذو حدين ،تتحدد منفعته من مضاره بيد من يقود بوصلته ،فعند تصـفح بحـاره ولو لوهلة نجد أنه يحتوي عـوالم متباينة متمازجة على اختلاف ألـوانها ،فيها "أبن البيك" وفيها "يلي على باب الله" ممن يُعتبرون من ذوي الدخول الضـعيفة، خاصة بعد أن أصبح الإنترنت متناولاً بيد معظم الفئات الإجتماعية على الرغم من ارتفع تكفلته في بعض الدول العربية، كما نجد فيه أيضاً الطبقة المثقفة المتعلمة على اختلاف مستوياتها إلى جانب الفئات التي لم يسعفها الحظ لإكمال تحصيلها العلمي، هذا التمازج يعطي هذا الموقع سمة قد لانجدها في أي من مواقع التواصل الأخرى، حيث نجد فيه انعكاساً موضوعياً لواقع بعض المجتمعات بكافة أطيافها وانتمائاتها الفكرية والثقافية والاقتصادية ومن هنا برزت أهميته وتعاظم صيته حتى أصبح على ماهو عليه الآن.

وبما أنه مرآة لواقع موضوعي يعيشه المجتمع في أحيانٍ كثيرة، أصبح من الحتمي انخراط الشباب في تكوينه الهندسي، اندماجٌ يُنظر إليه على أنه نقطة تحول في المجتمع العــربي ،مجتمع اعتاد الكبت والقهر وسلب حرياته، فوجد شبابه على هذه الصفحات متنفساً وإن كان بسيطاً يعبر به عن آرائه وتطلعاته وهمومه وأفكاره، فمنه كما يرى الكثيرون انطلقت شرارة الربيع العربي في كل من تونس ومصر عام 2012 ،وعبره أصبح للشباب اسمٌ حاضرٌ على الدوام في معظم وسائل الإعلام العربية والعالمية.

في النهاية لابد أن يكون للمجتمع دورٌ توجيهي لتنظيم طاقـات الشــباب في مختلف المجالات، فمن اللغظ اختصار الحياة افتراضياً على صفحات الإنترنت ومواقع التواصل متناسين أنها ليست سوى انعكاس لمجتمع واقعي يجب أن نعيشه ســلبياته وإيجابياته ،وبذلك يـكون الفيس بوك والتويتر وغيره منبراً للشباب لابديلاً عن واقعهم.